غابات بلغراد: ملاذ لعشاق الطبيعة صيفاً وشتاءً
تمثل غابات بلغراد (Belgrad Ormanı) واحدة من أكبر وأشهر غابات اسطنبول. تقع غابات بلغراد على الجانب الأوروبي من هذه المدينة التركية، لقبت بـ "الحديقة الخضراء لاسطنبول" أو "الرئة الخضراء لاسطنبول"، في تسمية تعكس أهمية الغابة كمصدر رئيسي للهواء النقي والطبيعة في هذا المكان.
تعرف معنا في هذا المقال على مزايا غابات بلغراد الساحرة في اسطنبول، ومرافقها والأحياء المجاورة لها.
غابات بلغراد تركيا.. الموقع والتاريخ وأصل التسمية
تقع غابات بلغراد في منطقة ساريير شمال غرب اسطنبول، غير بعيد عن منطقتي شيشلي وكيليوس، وتبلغ مساحتها نحو 5,300 هكتار (53 كيلومتر مربع). تحدها من الشمال والغرب والشرق منطقة البحر الأسود، وتمتد من جنوبها منطقة ساريير.
قد تذكرك تسميتها بالمدينة الأوروبية الشهيرة بلغراد، فلماذا سميت غابات بلغراد في اسطنبول بهذا الاسم؟
سبب تسمية غابات بلغراد
تعود تسمية غابة بلغراد إلى القرن السادس عشر، وتحديدًا في الفترة العثمانية. ففي عهد السلطان سليمان القانوني الذي حكم بين 1520-1566، تم جلب مجموعة من أسرى الحرب من بلغراد، عاصمة صربيا حاليا، إلى اسطنبول، بعد فتح المدينة من قبل العثمانيين في عام 1521. استوطن هؤلاء الأسرى في منطقة قريبة من الغابة الرائعة، فانتشرت تسمية غابات بلغراد تلقائياً.
عبر العصور، شهدت غابات بلغراد تطورًا في دورها، من كونها مجرد مصدر للمياه إلى منطقة محمية طبيعية تُستخدم لأغراض الترفيه والترويح عن النفس. كانت تُستخدم تاريخيًا كمصدر هام للمياه لاسطنبول، وكانت هناك عدة سدود وقنوات مائية بُنيت في المنطقة لتخزين ونقل المياه إلى المدينة. أبرز هذه الهياكل المائية، سدود كيلاشير (Kırkçeşme)، التي بُنيت بأمر من السلطان سليمان القانوني لتوفير المياه في اسطنبول.
كما يوجد العديد من السدود التاريخية داخل غابات بلغراد مثل سد فالنس (Valens Aqueduct) وسد كيركشيسمي (Kırkçeşme)، وكلها كانت جزءًا من نظام توزيع المياه في اسطنبول في العهد العثماني.
خلال العصر البيزنطي، كانت إسطنبول تُعرف بالقسطنطينية وكانت العاصمة الإمبراطورية البيزنطية. غابات بلغراد، مثل أجزاء أخرى من المدينة، كانت تحت تأثير هذه الحضارة القديمة. يُعتقد أن الغابات كانت جزءًا من المناطق المحيطة بالقسطنطينية وكانت تُستخدم كمصدر للخشب والمواد الطبيعية الأخرى اللازمة للبناء وللأغراض العسكرية والمدنية.
في العصر الحديث، أصبحت غابات بلغراد وجهة محببة لسكان اسطنبول والسياح من كل مكان، للاستمتاع بالطبيعة والهواء النقي، والشعور بالعزلة والهدوء بعيداً عن صخب المدينة الهائلة، وإيقاع الحياة السريع فيها، وذلك في جميع الفصول.
ففي الشتاء، يحلو لكثيرين الاستمتاع بغابات بلغراد الخضراء وسط الأمطار العذبة، أو التفرج على الثلوج تكسوها في منظر مهيب، حيث لا يمنع البرد القارس أحداً من ممارسة النشاطات المعتادة، شرط الالتزام بشروط السلامة العامة، كما لن تجد مقهى أو مطعماً هناك يغلق أبوابه عند هطول الثلوج في اسطنبول، ما يزيد متعة التجوال وتناول الطعام والشراب في غابات بلغراد.
أما في الصيف، فغابات بلغراد في اسطنبول هي حتماً إحدى الوجهات الرئيسية للهروب من الحر، والالتجاء إلى الغابة كملاذ طبيعي للاسترخاء وتجديد النشاط والطاقة، واستنشاق الهواء الطلق.
في الفصل الحار تزداد شعبية النشاطات الرياضية المختلفة في رئة اسطنبول، ويتضاعف الزوار الراغبون بالتنزه والشواء والتريض وصيد الأسماك، عدا محبي التعلم والتعرف على البيئة ذات التنوع البيولوجي المدهش.